الناتج والدخل
والاستهلاك والادخار والاستثمار
تقييم الناتج القومي :
لكي يتيسر القيام بتقدير إنتاج المجتمع
من السلع والخدمات ، يجب أن تكون هناك وسيلة عملية لقياس مكوناته العديدة ، ذلك
أنه ليس من الممكن الوصول إلى مثل هذا التقدير الاجمالى عن طريق جمع وحدات الناتج
القومي في صورتها العينية غير المتجانسة ، فمثلا ، لا يمكن أن نتصور جمع منتجات
الاقتصاد القومي ، من السيارات ، والأقمشة ، والخبز ، والأخشاب ، والخضروات ...
الخ ، لكى نصل في النهاية إلى صورة ذات معنى للناتج الاجمالى للمجتمع .
لابد أذن من وسيلة للتقدير ، قوامها
إرجاع وحدات السلع والخدمات المنتجة إلى وحدة قياس موحدة .
ومن هنا فقد انتهت الآراء إلى اختيار
النقود لتؤدى هذه المهمة . وبمقتضى ذلك ، يتم التعبير عن كل سلعة من السلع ، أو
خدمة من الخدمات ، بوحدات من القيمة النقدية ، وليس بوحدات عينية . وبهذه الطريقة
يصبح من السهل جمع قيم كل السلع والخدمات . فنحن إذن نستطيع أن نجمع القيم النقدية
لما ينتجه المجتمع ، في سنة معينة من الأقمشة والخضروات ، والسيارات والخدمات
الصحية ، واللحوم ... الخ لنصل في النهاية إلى القيمة الإجمالية لإنتاج المجتمع
خلال هذه السنة .
والمقصود " بالقوة الشرائية
للنقود " ، هو مقدرة وحدة النقود على
شراء السلع والخدمات . وهذه المقدرة ليست ثابتة وإنما تتسم بالتغير على مر السنين.
وتتحدد القوة الشرائية للنقود بمستوى أسعار السلع التي تنفق
النقود على شرائها .
والخلاصة أن هناك علاقة عكسية بين القوة الشرائية للنقود ،
والمستوى العام للأسعار .
والمستوى العام للأسعار .
ولكن ، إذا كان ارتفاع الأسعار يعنى زيادة عدد وحدات النقود
التي تدفع ثمنا للوحدة من السلعة أو الخدمة ، فان ذلك يقود إلى استنتاج علاقة أخرى
هامة :
فلو فرضنا عددا معينا ( ثابتا ) من الوحدات من السلع والخدمات
، فان زيادة كمية النقود في الاقتصاد القومي لابد وأن تؤدى – نتيجة لتبادل ذلك
العدد الثابت من الوحدات – إلى ارتفاع في الأسعار ، أي زيادة عدد وحدات النقود
التي تدفع ثمنا للوحدة المنتجة من السلع أو الخدمات .
وبعبارة أخرى : في ظل حجم معين للناتج من السلع والخدمات ،
توجد علاقة طردية بين كل من كمية النقود ( أي عرض النقود ) في المجتمع وبين مستوى
الأسعار .
فمثلا إذا علمنا – أن المستوى العام
للأسعار عام 1985 كان قد ارتفع إلى 200
./. من مستواه عام 1985 ، وأنه في
عام 1990 قد ارتفع إلى 400 ./. من مستواه عام 1980 ، فانه يمكن تقدير الـناتج
الـقومي الحقيـقي باستـخدام ما يــــسمى "
"بالأسعار الثابتة " ، فمثلا إذا اتخذنا أسعار عام 1980 أساسا للمقارنة
، نصل إلى التقديرات التالية لكل من السنوات الثلاث :
"بالأسعار الثابتة " ، فمثلا إذا اتخذنا أسعار عام 1980 أساسا للمقارنة
، نصل إلى التقديرات التالية لكل من السنوات الثلاث :
1000 × 100
الناتج القومي
الحقيقي عام 1980 = -------------- = 1000
100
2000 × 100
الناتج القومي
الحقيقي عام 1985
= -------------- = 1000
200
5000 × 100
الناتج القومي الحقيقي عام 1990
= ---------------- =
1250
400
أي أن القيمة الحقيقية للناتج القومي عام 1985 لم تزد عن
القيمة الحقيقية للناتج القومي عام 1980 ، بينما كانت القيمة بالأسعار الجارية
تظهر زيادة مقدراها 100 ./. كذلك فان القيمة الحقيقية للناتج القومي عام 1990 زدات
عن القيمة الحقيقية للناتج القومي عام 1980 بمقدار 25 ./. فقط ، بينما كانت القيمة
بالأسعار الجارية تظهر زيادة مقدراها
400 ./. .
الدخل هو الوجه الآخر
للإنتاج :
فالذي ينتج أو
يساهم في الإنتاج ، يحصل على مقابل نقدي لمجهوده ، يسمى الدخل .
ودخل الفرد
عادة يأخذ شكل عائد دوري ، يحصل عليه في نهاية كل فترة زمنية محددة ، وتأخذ دخول الأفراد
صورا متعددة .
أما من وجهة
نظر المجتمع ككل ، فان " الدخل القومي " تعبير يطلق على التقدير النقدي
للناتج السنوي للاقتصاد القومي من السلع والخدمات .
الدخل القومي
ما هو إلا الرقم الاجمالى للقيم النقدية لما ينتجه المجتمع من سلع وخدمات في عام
ما .
دورة السلع ودورة النقود :
يمكننا أن نفرق
بين حلقتين – أو دورتين – متميزتين ، تشمل كل منهما الاقتصاد القومي ككل ، وتمثل
أحداهما تدفقات دائرية للسلع والخدمات ، بينما تمثل الأخرى تدفقات دائرية للنقود .
أما الدورة
الأولى ( دورة السلع ) فتمثل – انتقال خدمات عوامل الإنتاج من الأفراد – الذين هم
ملاك لهذه العوامل الإنتاجية – إلى المشروعات ، التي تستـــــعين
بتلك الخدمات في القيام بإنتاج ( تدفق مستمر ) من المنتجات
النهائية ، من سلع مادية أو خدمات ، تأخذ طريقها إلى المستهلكين ( وهم الأفراد
الذين قاموا في البداية بإمداد المشروعات بخدمات عناصر الإنتاج ) .
وفى نفس الوقت تتم دورة أخرى ، هي دورة النقود ، لكن في
الاتجاه العكسي
ففي مقابل الخدمات الإنتاجية التي يقدمها الأفراد إلى
المشروعات باعتبارهم ملاكا لعناصر الإنتاج ، يتقاضون عوائد نقدية ، في شكل أجور
ومهايا ، وريع ، وفوائد ، وأرباح . ولكن هذه العوائد النقدية – أي دخول الأفراد –
تستخدم في شراء السلع والخدمات ، التي تذهب حصيلتها إلى المشروعات التي قامت
بيبعها إلى المستهلكين .وهكذا تتم دورة النقود بين الأفراد والمشروعات الإنتاجية .
قياس الناتج ( أو الدخل
) القومي :
وبناء على
تمييزنا بين الدورتين السابقتين ، فان الناتج القومي – أو الدخل القومي – يمكن
قياسه بإحدى طريقتين :
(1)
الطريقة
الأولى :
جمع كل ما ينتجه الاقتصاد القومي سنويا من سلع وخدمات ( قيمة
كل سلعة ، أو خدمة ، تساوى الكمية المنتجة منها ، مضروبة في سعر الوحدة الواحدة )
. وتسمى هذه طريقة الناتج من السلع والخدمات .
(2)
والطريقة
الثانية :
جمع الدخول السنوية
التي يحصل عليها أفراد المجتمع نتيجة لمساهمتهم في الإنتاج ، وبمعنى أخر فإننا في
هذه الحالة نقوم بجمع القيم السنوية لاجمالى الدخول التي دفعت في شكل أجور ، وريع،
وفوائد ، وأرباح ، وتسمى هذه طريقة عوائد عناصر الإنتاج .
طريقة " القيمة المضافة " لقياس الناتج القومى
:
لتفادى "
ازدواج الحساب " أي لتفادى الوقوع في خطأ احتساب قيمة سلعة معينة أكثر من مرة
واحدة ، تستخدم طريقة القيمة المضافة .
واحتمال الوقوع في مثل هذا الخطأ ، يرجع إلى طبيعة عملية
الإنتاج ذاتها : فنحن نعلم أن أي سلعة تمر عادة بأكثر من مرحلة واحدة حتى يتم
إنتاجها . وفى كل مرحلة من هذه المراحل ، تتمثل عملية الإنتاج في إضافة شيء (قيمة
) إلى السلعة ، تقترب بها من المرحلة الأخيرة التي يكتمل فيها إنتاجها كسلعة
نهائية .
ونأخذ ازدواج الحساب ، يجب أن نحرص ، في تقديرنا
للدخل القومي ، على أن تأخذ في الاعتبار ، فقط ، ما تضيفه كل مرحلة من مراحل
الإنتاج من قيمة إلى السلعة موضع البحث .
دالة
الاستهلاك :
أن ما ينفقه كل فرد على حدة – ومن ثم
المجتمع ككل – على احتياجاته الاستهلاكية ، يتوقف على ما يتاح لكل فرد – ومن ثم
للمجتمع ككل من دخل . هذه العلاقة هى ما نقصده " بدالة الاستهلاك " ،
ويعبر عنها جبريا على النحو التالي :
س = د ( ل )
حيث
(س) : الاستهلاك
(ل) : الدخل
والتعبير
اللفظي لهذه العلاقة هو:"الاستهلاك دالة في الدخل" أي أن الاستهلاك
يتوقف على الدخل ، حيث الاستهلاك متغير " تابع " أي متوقف على
المتغير الآخر" المستقل "، والذي هو الدخل . والعلاقة بين هذين
المتغيرين طردية .
دالة الادخار :
لما كان
الاستهلاك والادخار هما مجالى التصرف في الدخل ، فان ادراكنا للعلاقة الدالية بين
الدخل والاستهلاك ، من شأنه أن يقودنا منطقيا إلى استنتاج علاقة دالية ، قرينة لها
، بين الدخل والادخار ، تسمى " دالة الادخار " .
ويتتبع
العلاقة بين سلوك كل من الدخل والاستهلاك والادخار ، نستخلص ما يلي :
1.
الادخار يتوقف على الدخل ، وهذه
التبعية لها طابع طردى كما في حالة الاستهلاك . وهذا ولا شك أمر منطقي . فطالما أن
الادخار هو الجزء المتبقي من الدخل بعد الاستهلاك ، فان المقدرة على الادخار لابد
وأن تزيد بزيادة الدخل . وهذه العلاقة التي يكون فيها : " الادخار دالة في
الدخل " . يعبر عنها جبريا بالرموز :
خ = د ( ل )
حيث :
خ : الادخار
ل : الدخل
2. حينما يكون الدخل
على درجة بالغة من الانخفاض – تجعله قاصرا عن الوفاء باحتياجات الاستهلاك – يتم
تغطية هذا العجز عن طريق الاستعانة بمصدر خارجي
3 . حينما يصل الدخل إلى مستوى من الارتفاع يكفى بالكاد ( أي
لا أكثر ولا أقل) لتغطية متطلبات الاستهلاك ، أي يكون الاستهلاك مساويا تماما
للدخل – تنتهي مرحلة الادخار السالب ، حيث تصبح قيمته مساوية للصفر تماما .
أدى مستوى للدخل
أعلى من ذلك يكون أكثر من القدر الكافي لتغطية متطلبات الاستهلاك ، وبالتالي يتبقى
منه جزء يذهب إلى الادخار . ويتمثل ذلك في وقوع دالة الادخار ، ابتداء من النقطة
الفاصلة ، فوق المحور الأفقي ، أي يكون الادخار موجبا
هذا
الادخار ضروري لينفق المجتمع منه على شراء المعدات والآلات التي تمكنه
من زيادة إنتاجه ( وبالتالي دخله ) مستقبلا . وعمـــلية الإنفاق الأخيرة هذه هي ما تسمى الاستثمار .
من زيادة إنتاجه ( وبالتالي دخله ) مستقبلا . وعمـــلية الإنفاق الأخيرة هذه هي ما تسمى الاستثمار .
ويستخلص من ذلك إذن
، أنه كلما كان الأفراد أكثر صبرا وتحملا للحرمان من قدر أكبر من الاستهلاك في
الوقت الحاضر ، أمكنهم توجيه جزء أكبر من دخلهم القومي لشراء المعدات التي تمكنهم
– بدورها – من أن يحققوا في المستقبل ناتجا قوميا أكبر ، وبالتالي مستوى استهلاكيا
أكثر ارتفاعا .
مكونات الناتج
القومي لا تخرج عن كونها سلع استهلاك وسلع
استثمار ، أي :
الناتج القومي = الاستهلاك + الاستثمار
ونعلم أن الدخل
القومي هو الوجه الآخر للناتج القومي أي :
الناتج القومي = الدخل القومي
ومن حيث أوجه التصرف
في الدخل القومي ، فقد رأينا أنها لا تخرج عن أمرين : استهلاك وادخار ، أي :
الدخل القومي =
الاستهلاك + الادخار
أذن يتضح أن
الاستهلاك + الاستثمار = الاستهلاك + الادخار
أي
الاستثمار = الادخار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق