الأحد، 2 مارس 2014

سلسلة علوم الادارة < محاضرات اقتصاد >


الناتج والدخل



والاستهلاك والادخار والاستثمار


تقييم الناتج القومي :

          لكي يتيسر القيام بتقدير إنتاج المجتمع من السلع والخدمات ، يجب أن تكون هناك وسيلة عملية لقياس مكوناته العديدة ، ذلك أنه ليس من الممكن الوصول إلى مثل هذا التقدير الاجمالى عن طريق جمع وحدات الناتج القومي في صورتها العينية غير المتجانسة ، فمثلا ، لا يمكن أن نتصور جمع منتجات الاقتصاد القومي ، من السيارات ، والأقمشة ، والخبز ، والأخشاب ، والخضروات ... الخ ، لكى نصل في النهاية إلى صورة ذات معنى للناتج الاجمالى للمجتمع .
          لابد أذن من وسيلة للتقدير ، قوامها إرجاع وحدات السلع والخدمات المنتجة إلى وحدة قياس موحدة .
          ومن هنا فقد انتهت الآراء إلى اختيار النقود لتؤدى هذه المهمة . وبمقتضى ذلك ، يتم التعبير عن كل سلعة من السلع ، أو خدمة من الخدمات ، بوحدات من القيمة النقدية ، وليس بوحدات عينية . وبهذه الطريقة يصبح من السهل جمع قيم كل السلع والخدمات . فنحن إذن نستطيع أن نجمع القيم النقدية لما ينتجه المجتمع ، في سنة معينة من الأقمشة والخضروات ، والسيارات والخدمات الصحية ، واللحوم ... الخ لنصل في النهاية إلى القيمة الإجمالية لإنتاج المجتمع خلال هذه السنة .


          والمقصود " بالقوة الشرائية للنقود  " ، هو مقدرة وحدة النقود على شراء السلع والخدمات . وهذه المقدرة ليست ثابتة وإنما تتسم بالتغير على مر السنين.
وتتحدد القوة الشرائية للنقود بمستوى أسعار السلع التي تنفق النقود على شرائها .
والخلاصة أن هناك علاقة عكسية بين القوة الشرائية للنقود ،
والمستوى العام للأسعار .
ولكن ، إذا كان ارتفاع الأسعار يعنى زيادة عدد وحدات النقود التي تدفع ثمنا للوحدة من السلعة أو الخدمة ، فان ذلك يقود إلى استنتاج علاقة أخرى هامة :
فلو فرضنا عددا معينا ( ثابتا ) من الوحدات من السلع والخدمات ، فان زيادة كمية النقود في الاقتصاد القومي لابد وأن تؤدى – نتيجة لتبادل ذلك العدد الثابت من الوحدات – إلى ارتفاع في الأسعار ، أي زيادة عدد وحدات النقود التي تدفع ثمنا للوحدة المنتجة من السلع أو الخدمات .
وبعبارة أخرى : في ظل حجم معين للناتج من السلع والخدمات ، توجد علاقة طردية بين كل من كمية النقود ( أي عرض النقود ) في المجتمع وبين مستوى الأسعار .
فمثلا إذا علمنا – أن المستوى العام للأسعار عام 1985 كان قد ارتفع إلى 200  ./. من مستواه عام 1985  ، وأنه في عام 1990 قد ارتفع إلى 400 ./. من مستواه عام 1980 ، فانه يمكن تقدير الـناتج الـقومي الحقيـقي باستـخدام ما يــــسمى "
"بالأسعار الثابتة " ، فمثلا إذا اتخذنا أسعار عام 1980 أساسا للمقارنة
، نصل إلى التقديرات التالية لكل من السنوات الثلاث :

                                             1000 × 100
   الناتج القومي الحقيقي عام 1980 = -------------- = 1000
                                                  100
                                               2000 × 100
  الناتج القومي الحقيقي عام 1985  = -------------- = 1000
                                                      200
                                               5000 × 100
 الناتج القومي الحقيقي عام 1990  = ---------------- = 1250
                                                     400
أي أن القيمة الحقيقية للناتج القومي عام 1985 لم تزد عن القيمة الحقيقية للناتج القومي عام 1980 ، بينما كانت القيمة بالأسعار الجارية تظهر زيادة مقدراها 100 ./. كذلك فان القيمة الحقيقية للناتج القومي عام 1990 زدات عن القيمة الحقيقية للناتج القومي عام 1980 بمقدار 25 ./. فقط ، بينما كانت القيمة بالأسعار الجارية تظهر زيادة  مقدراها 400  ./. .

الدخل هو الوجه الآخر للإنتاج :
         فالذي ينتج أو يساهم في الإنتاج ، يحصل على مقابل نقدي لمجهوده ، يسمى الدخل .
         ودخل الفرد عادة يأخذ شكل عائد دوري ، يحصل عليه في نهاية كل فترة زمنية محددة ، وتأخذ دخول الأفراد صورا متعددة .


         أما من وجهة نظر المجتمع ككل ، فان " الدخل القومي " تعبير يطلق على التقدير النقدي للناتج السنوي للاقتصاد القومي من السلع والخدمات .

         الدخل القومي ما هو إلا الرقم الاجمالى للقيم النقدية لما ينتجه المجتمع من سلع وخدمات في عام ما .
دورة السلع ودورة النقود :

         يمكننا أن نفرق بين حلقتين – أو دورتين – متميزتين ، تشمل كل منهما الاقتصاد القومي ككل ، وتمثل أحداهما تدفقات دائرية للسلع والخدمات ، بينما تمثل الأخرى تدفقات دائرية للنقود .

         أما الدورة الأولى ( دورة السلع ) فتمثل – انتقال خدمات عوامل الإنتاج من الأفراد – الذين هم ملاك لهذه العوامل الإنتاجية – إلى المشروعات ، التي تستـــــعين

بتلك الخدمات في القيام بإنتاج ( تدفق مستمر ) من المنتجات النهائية ، من سلع مادية أو خدمات ، تأخذ طريقها إلى المستهلكين ( وهم الأفراد الذين قاموا في البداية بإمداد المشروعات بخدمات عناصر الإنتاج ) . 


وفى نفس الوقت تتم دورة أخرى ، هي دورة النقود ، لكن في الاتجاه العكسي
ففي مقابل الخدمات الإنتاجية التي يقدمها الأفراد إلى المشروعات باعتبارهم ملاكا لعناصر الإنتاج ، يتقاضون عوائد نقدية ، في شكل أجور ومهايا ، وريع ، وفوائد ، وأرباح . ولكن هذه العوائد النقدية – أي دخول الأفراد – تستخدم في شراء السلع والخدمات ، التي تذهب حصيلتها إلى المشروعات التي قامت بيبعها إلى المستهلكين .وهكذا تتم دورة النقود بين الأفراد والمشروعات الإنتاجية .

قياس الناتج ( أو الدخل ) القومي :
         وبناء على تمييزنا بين الدورتين السابقتين ، فان الناتج القومي – أو الدخل القومي – يمكن قياسه بإحدى طريقتين :
(1)             الطريقة الأولى :
جمع كل ما ينتجه الاقتصاد القومي سنويا من سلع وخدمات ( قيمة كل سلعة ، أو خدمة ، تساوى الكمية المنتجة منها ، مضروبة في سعر الوحدة الواحدة ) . وتسمى هذه طريقة الناتج من السلع والخدمات .

(2)             والطريقة الثانية :
جمع الدخول السنوية التي يحصل عليها أفراد المجتمع نتيجة لمساهمتهم في الإنتاج ، وبمعنى أخر فإننا في هذه الحالة نقوم بجمع القيم السنوية لاجمالى الدخول التي دفعت في شكل أجور ، وريع، وفوائد ، وأرباح ، وتسمى هذه طريقة عوائد عناصر الإنتاج .
طريقة " القيمة المضافة " لقياس الناتج القومى :
         لتفادى " ازدواج الحساب " أي لتفادى الوقوع في خطأ احتساب قيمة سلعة معينة أكثر من مرة واحدة ، تستخدم طريقة القيمة المضافة .
واحتمال الوقوع في مثل هذا الخطأ ، يرجع إلى طبيعة عملية الإنتاج ذاتها : فنحن نعلم أن أي سلعة تمر عادة بأكثر من مرحلة واحدة حتى يتم إنتاجها . وفى كل مرحلة من هذه المراحل ، تتمثل عملية الإنتاج في إضافة شيء (قيمة ) إلى السلعة ، تقترب بها من المرحلة الأخيرة التي يكتمل فيها إنتاجها كسلعة نهائية .

         ونأخذ  ازدواج الحساب ، يجب أن نحرص ، في تقديرنا للدخل القومي ، على أن تأخذ في الاعتبار ، فقط ، ما تضيفه كل مرحلة من مراحل الإنتاج من قيمة إلى السلعة موضع البحث .


دالة الاستهلاك :
         أن ما ينفقه كل فرد على حدة – ومن ثم المجتمع ككل – على احتياجاته الاستهلاكية ، يتوقف على ما يتاح لكل فرد – ومن ثم للمجتمع ككل من دخل . هذه العلاقة هى ما نقصده " بدالة الاستهلاك " ، ويعبر عنها جبريا على النحو التالي :
         س = د ( ل )
حيث
        (س) : الاستهلاك
         (ل) : الدخل

         والتعبير اللفظي لهذه العلاقة هو:"الاستهلاك دالة في الدخل" أي أن الاستهلاك يتوقف على الدخل ، حيث الاستهلاك متغير " تابع "  أي متوقف على  المتغير الآخر" المستقل "، والذي هو الدخل . والعلاقة بين هذين المتغيرين طردية . 
دالة الادخار :
         لما كان الاستهلاك والادخار هما مجالى التصرف في الدخل ، فان ادراكنا للعلاقة الدالية بين الدخل والاستهلاك ، من شأنه أن يقودنا منطقيا إلى استنتاج علاقة دالية ، قرينة لها ، بين الدخل والادخار ، تسمى " دالة الادخار " .

ويتتبع العلاقة بين سلوك كل من الدخل والاستهلاك والادخار ، نستخلص ما يلي :
1.    الادخار يتوقف على الدخل ، وهذه التبعية لها طابع طردى كما في حالة الاستهلاك . وهذا ولا شك أمر منطقي . فطالما أن الادخار هو الجزء المتبقي من الدخل بعد الاستهلاك ، فان المقدرة على الادخار لابد وأن تزيد بزيادة الدخل . وهذه العلاقة التي يكون فيها : " الادخار دالة في الدخل " . يعبر عنها جبريا بالرموز :
 خ = د ( ل )
 حيث :
         خ : الادخار
         ل : الدخل
2. حينما يكون الدخل على درجة بالغة من الانخفاض – تجعله قاصرا عن الوفاء باحتياجات الاستهلاك – يتم تغطية هذا العجز عن طريق الاستعانة بمصدر خارجي
3 . حينما يصل الدخل إلى مستوى من الارتفاع يكفى بالكاد ( أي لا أكثر ولا أقل) لتغطية متطلبات الاستهلاك ، أي يكون الاستهلاك مساويا تماما للدخل – تنتهي مرحلة الادخار السالب ، حيث تصبح قيمته مساوية للصفر تماما .
    أدى مستوى للدخل أعلى من ذلك يكون أكثر من القدر الكافي لتغطية متطلبات الاستهلاك ، وبالتالي يتبقى منه جزء يذهب إلى الادخار . ويتمثل ذلك في وقوع دالة الادخار ، ابتداء من النقطة الفاصلة ، فوق المحور الأفقي ، أي يكون الادخار موجبا

هذا الادخار ضروري لينفق المجتمع منه على شراء المعدات والآلات التي تمكنه
من زيادة إنتاجه ( وبالتالي دخله ) مستقبلا . وعمـــلية الإنفاق الأخيرة هذه هي ما تسمى الاستثمار .
    ويستخلص من ذلك إذن ، أنه كلما كان الأفراد أكثر صبرا وتحملا للحرمان من قدر أكبر من الاستهلاك في الوقت الحاضر ، أمكنهم توجيه جزء أكبر من دخلهم القومي لشراء المعدات التي تمكنهم – بدورها – من أن يحققوا في المستقبل ناتجا قوميا أكبر ، وبالتالي مستوى استهلاكيا أكثر ارتفاعا .
    مكونات الناتج القومي لا تخرج  عن كونها سلع استهلاك وسلع استثمار ، أي :
الناتج القومي = الاستهلاك + الاستثمار
    ونعلم أن الدخل القومي هو الوجه الآخر للناتج القومي أي :
الناتج القومي = الدخل القومي
    ومن حيث أوجه التصرف في الدخل القومي ، فقد رأينا أنها لا تخرج عن أمرين : استهلاك وادخار ، أي :
    الدخل القومي = الاستهلاك + الادخار
أذن يتضح أن
الاستهلاك + الاستثمار = الاستهلاك + الادخار
أي
الاستثمار = الادخار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق