الخميس، 6 مارس 2014

سلسلة علو الادارة < محاضرات أقتصاد >



توازن السوق وتوازن المستهلك

تعريف عرض السوق :
هو " الكميات التي يكون البائعون مستعدين لبيعها عند الأثمان المختلفة ، في فترة معينة ، مع افتراض بقاء الأشياء الأخرى على حالها " .
ذلك أن هناك   عدة عوامل ـ بالاضافة إلى الثمن ـ تؤثر في هذه الكميات ؛ غير أننا في دراسة العرض نثبت هذه العوامل حتى يمكننا التركيز على العلاقة بين ثمن السلعة ، والكمية المعروضة منها . وهذا هو المقصود بافتراض " بقاء الاشياء الأخرى على حالها " . أي أن كل جدول معين للعرض يفترض أن هذه العوامل الأخرى ثابتة بالنسبة لكل حالاته .
 رأينا أن تعريف العرض يفترض " بقاء الاشياء الأخرى على حالها " حتى يكون التغير في الكمية راجعا إلى التغير في ثمن السلعة دون غيره من العوامل . وتعريف العرض على هذا النحو يركز على العلاقة التي يؤثر فيها الثمن في الكمية المعروضة ، وليس العكس.
أن الثمن هو المتغير المستقل ، والكمية المعروضة هى المتغير التابع
تفسير شكل منحنى عرض السوق : 
انتهينا إلى وجود علاقة طردية بين الثمن والكمية المعروضة . فما هو تفسير هذه العلاقة ؟ الواقع أننا لن تستطيع هنا أن نستوفى هذه النقطة لأنها متصلة بتحليل العرض الفردى ووجود علاقة طردية بينه وبين الثمن . ولكنه
يكفى للتبسيط أن نقول : ان العامل الرئيسى في تحديد حجم الناتج من سلعة ما ( وبالتالى الكمية المعروضة منها ) هو نفقة انتاجها . وزيادة الانتاج من سلعة معينة يتطلب سحب المزيد من عناصر الانتاج المشغلة  ـ أو التي يمكن أن تشغل ـ في انتاج غيرها من السلع ، الأمر الذي يقتضى دفع أثمان أعلى لهذه العناصر . فاذا أضفنا إلى ذلك أن هذه العناصر قد تكون متخصصة نسبيا فيما تقوم به أصلا ، فان كفاءتها في انتاج غير ما تخصصت فيه تكون منخفضة . أي أن كفاءتها ستكون منخفضة في انتاج السلعة موضع البحث . وهذا يعنى ارتفاع متوسط نفقة انتاج الوحدة منها .

الخلاصة اذن
أنه عند قيام المنتجين بعرض المزيد من السلعة فانهم يتحملون ارتفاعا مطردا في نفقة انتاجها . وهذا يعنى أن الأثمان التي يمكن أن تغريهم بعرض هذا القدر المتزايد من السلعة يجب أن تكون في ارتفاع مطرد .
التغير في الكمية المعروضة والتغير في العرض :
ذكرنا أن هناك تفرقة هامة بين العرض ، والكمية المعروضة . ولتوضيح ذلك نشرح " الاشياء الأخرى "  التي افترضنا ( في تعريف العرض ) أنها باقية على حالها :
 المقصود " بالاشياء الأخرى "  مجموعة العوامل التي تؤثر ـ بالاضافة إلى ثمن السلعة ـ على الكمية التي تعرض منها .
وتتلخص هذه العوامل في أربعة : أثمان عناصر الانتاج ، المستوى الفنى للانتاج ، مستوى الإعانات التي تمنحها الدولة للانتاج ، ومستوى الضرائب التي تفرضها الدولة على الانتاج .
هذا هو المقصود بافتراض ثبات " الظروف الأخرى " عند تعريف العرض . فالانتقال من حالة إلى اخرى في جدول العرض ( من نقطة إلى أخرى على منحنى العرض ) يعنى تغيرا في " الكمية المعروضة " لايرجع إلى تغير في أي من العوامل الأربعة سابقة الذكر . وعندما نتحدث عن تعريف العرض ـ بالنسبة لسلعة معينة ـ فان التغير في الكمية المعروضة منها يرجع إلى التغير في ثمنها فقط .
كل ما هناك أننا ـ اذا تغيرت بعض ، أو كل هذه العوامل ـ نكون بصدد جدول جديد ( منحنى جديد) للعرض ، على أساس جديد ( من أثمان العناصر ، أو مستوى الإعانات والضرائب )  مختلف تماما عما كان عليه الحال قبل حدوث هذا التغير .
وتتوقف العلاقة بين جدول العرض الجديد والجدول القديم ( بين منحنى العرض الجديد والمنحنى القديم ) على ما اذا كان التغير الذي حدث في " الظروف الأخرى " من شأنه أن يؤدى إلى زيادة العرض أو نقصانه . فاذا انخفضت أثمان عناصر الانتاج ، أو تحسن المستوى الفنى للانتاج ، أو زاد مستوى الاعانات ، أو انخفض مستوى الضرائب المفروضة على الانتاج .... أدى ذلك إلى" زيادة العرض ".
مرونة العرض :
مرونة العرض  ـ تعبر عن درجة استجابة الكمية المعروضة لتغيرات الثمن .
العوامل التي تؤثر في مرونة العرض :
تختلف العوامل التي تؤثر في مرونة العرض باختلاف المدة موضع البحث
1.          ففى المدة القصيرة جدا تتوقف مرونة العرض على قابلية السلعة للتخزين ، وحجم المخزون منها . ذلك أن المدة القصيرة جدا هى تلك التي تكون من القصر بحيث لا تسمح باحداث أي تغير في الكمية المعروضة عن طريق تغير حجم الانتاج ( وهذه مسألة تختلف باختلاف السلع ) ، وانما يكون التغير في حجم المعروض عن طريق حجز كميات من السلعة عن السوق ، أو طرح كميات من السلعة في السوق ، الأمر الذي يتوقف على مدى قابلية السلعة للتخزين . فكلما زدات هذه القابلية ، كان عرض السلعة أكثر مرونة ، والعكس صحيح .
2.          أما في المدة القصيرة والمدة الطويلة فان مرونة العرض تتوقف على قابلية عناصر الانتاج للتنقل من نشاط انتاجى إلى آخر .
والمدة القصيرة هى التي تسمح بتغير في حجم الناتج عن طريق تغيير بعض عناصر الانتاج ( كعنصر العمل ، والمواد الأولية ، مثلا ) . والمدة الطويلة هى التي تسمح بتغير في حجم الناتج عن طريق تغيير كل عناصر الانتاج ( العمل ، ورأس المال ، والأرض ) .
فكلما زدات هذه القابلية ، كان عرض السلعة أكثر مرونة في الآجل القصير ، أو الآجل الطويل ، والعكس صحيح .
تحديد الثمن : ( ثمن التوازن )
رأينا أن جدول الطلب يبين الكميات التي يطلبها المشترون عند الأثمان المختلفة للسلعة ، ولكنه لايبين الثمن الذي يتم عنده التبادل فعلا ، ولا الكمية التي يستقر على طلبها المشترون . كذلك رأينا أن جدول العرض يبين الكميات التي يعرضها البائعون عند الأثمان المختلفة للسلعة ، ولكنه لايوضح الثمن الذي يسود فعلا ، ولا الكمية التي يعرضها البائعون في حقيقة الأمر .
والان نوضح ان تفاعل هاتين القوتين ـ العرض والطلب ـ هو الذي يحدد الثمن الذي يتم به تبادل السلعة فعلا وكذلك الكمية التي يتم تبادلها فعلا . ويسمى هذا الثمن " ثمن التوازن " ، كما تسمى هذه الكمية " كمية التوازن " .
 والخلاصة
أنه اذا كان الثمن مرتفعا عن الثمن الذي يحقق التوازن بين العرض والطلب ، أدت قوى السوق ( التنافس بين البائعين ) إلى اتجاه الثمن نحو الانخفاض حتى يصل إلى مستوى التوازن . كما أنه اذا كان الثمن منخفضا عن الثمن الذي يحـــقق التــوازن بين الــعرض والطــلب ، أدت قــوى الـسوق ( التنافس بين المشترين ) إلى اتجاه الثمن نحو الارتفاع حتى يصل إلى مستوى التوازن .


المنفعة الكلية والمنفعة الحدية :
تعرف المنفعة الكلية التي يحصل عليها الفرد من استهلاكه لعدد معين من وحدات سلعة ما ، بأنها مجموع ما يحصل عليه ، من منفعة نتيجة استهلاكه لهذا العدد المعين من الوحدات .
وتعرف المنفعة الحدية بأنها التغير في المنفعة الكلية نتيجة التغير في استهلاك السلعة ( بالزيادة أو النقص ) بوحدة واحدة .
مبدأ تناقص المنفعة الحدية :
يعتبر مبدأ تناقص المنفعة الحدية ذا أهمية خاصة في تفسير سلوك المستهلك ، ومضمونه أنه اذا زاد استهلاك شخص بوحدات متعادلة ( كما ونوعا ) ، فان المنفعة الحدية لابد أن تبدأ في التناقص بد حد معين .
توازن المستهلك :
الافتراض الأساسى الذي تبدأ منه دراسة سلوك المستهلك ، أنه شخص رشيد  وأنه يهدف إلى تحقيق " أقصى اشباع " ممكن من دخله المحدود ، فاذا وزع المستهلك دخله على السلع المختلفة على نحو يحقق له أقصى اشباع ممكن اصبح في حالة توازن ، بمعنى أنه اذا حقق هذا الوضع لايوجد ما يدفعه إلى اعادة توزيع دخله على نحو آخر . ولمعرفة كيف يتحقق هذا التوازن ، نلاحظ أولا :
أن المستهلك يهدف إلى تحقيق أقصى اشباع من دخله .
1.          أنه يهدف إلى تحقيق ذلك في ظل بعض القيود الاقتصادية التي تواجهه ، وهى :ـ
(أ‌)          دخله المحدود.
(ب‌)     أثمان السلع التي يرغب في استهلاكها تعتبر " معطاة ".
2.          أن المستهلك ينفق دخله على شراء هذه السلع ، أي أنه ينفق دخله على شراء السلع ( أ،ب،ج، ...الخ) .
ويكون المستهلك في حالة توازن ، أي يحصل على أقصى اشباع من دخله المحدود ، اذا وزعه على السلع المختلفة بحيث تتساوى المنافع الحدية لكل جزء من دخله ( لكل جنيه مثلا ) ينفقه على أي سلعة .
فاذا كان المستهلك ينفق دخله على شراء السلعتين (س)،(ص) فقط ، فانه يكون في حالة توازن اذا كانت المنفعة الحدية التي يحصل عليها من انفاقه جنيها واحدا مثلا على السلعة (س) ، تتساوى مع المنفعة الحدية التي يحصل عليها من انفاقة جنيها واحدا على السلعة (ص).
إذن نستطيع أن نضع شرطا عاما لتوازن المستهلك ، هو :
   المنفعة الحدية للسلعة (س)               المنفعة الحدية للسلعة (ص)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
       ثمن السلعة (س)                        ثمن السلعة (ص)
حيث ينطبق هذا الشرط على أي عدد من السلع.
وهكذا تتضح الصلة بين أثمان السلع وتوازن المستهلك .
التغير في الثمن وتوازن المستهلك :
واضح أن هناك ارتباطا بين " توازن المستهلك " من جهة ، وبين كل من دخله وأثمان السلع التي ينفق عليها هذا الدخل ، من جهة أخرى . وبديهي إذن أن يتغير " وضع التوازن " ( أي عدد الوحدات المستهلكة من كل سلعة ) بتغير الأثمان أو تغير الدخل . والذي يعنينا هنا ـ ونحن بصدد تفسير العلاقة العكسية بين ثمن السلعة وطلب المستهلك ـ هو التغير في أثمان السلع .
فقد رأينا أن شرط التوازن هو :
    المنفعة الحدية للسلعة (س)            المنفعة الحدية للسلعة (ص)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
       ثمن السلعة (س)                   ثمن السلعة (ص)
فاذا حدث تغير في ثمن احدى هذه السلع ، أي حدث تغير في مقام أحد هذين الكسرين ، لم تعد العلاقة علاقة تساوى . فمثلا اذا ارتفع ثمن السلعة (س) ، فان معنى ذلك أن تصبح المنفعة الحدية التي يحصل عليها المستهلك من جنيه
يــنفق على السلعة (س) أقل من المنفعة الحدية التي يحصل عليها من جنيه ينفق على السلعة (ص) . ويؤدى ذلك إلى أن المستهلك ـ وهو يهدف إلى تحقيق أقصى اشباع ـ يعيد توزيع دخله ، فيحول بعض انفاقه من السلعة التي ارتفع ثمنها ( السلعة س) ، ويوجهه إلى السلعة التي لم يتغير ثمنها ( السلعة ص) .

ويترتب على ذلك :
أولا ـ  نقص عدد الوحدات المستهلكة من السلعة الأولى التي ارتفع ثمنها ، فتزداد منفعتها الحدية ، أي ترتفع قيمة البسط في الجانب الأيمن من المعادلة .
ثانيا ـ زيادة عدد الوحدات المستهلكة من السلعة الثانية ، فتنقص منفعتها الحدية ، أي تنخفض قيمة البسط في الجانب الأيسر من المعادلة .
وهكذا ، إلى أن يعود التساوى بين جانبى المعادلة ، أي يتحقق وضع جديد لتوازن المستهلك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق