توازن السوق وتوازن المستهلك
تعريف عرض السوق :
هو " الكميات التي يكون
البائعون مستعدين لبيعها عند الأثمان المختلفة ، في فترة معينة ، مع افتراض بقاء
الأشياء الأخرى على حالها " .
ذلك أن هناك عدة
عوامل ـ بالاضافة إلى الثمن ـ تؤثر في هذه الكميات ؛ غير أننا في دراسة العرض نثبت
هذه العوامل حتى يمكننا التركيز على العلاقة بين ثمن السلعة ، والكمية المعروضة
منها . وهذا هو المقصود بافتراض " بقاء الاشياء الأخرى على حالها " . أي
أن كل جدول معين للعرض يفترض أن هذه العوامل الأخرى ثابتة بالنسبة لكل حالاته .
رأينا أن
تعريف العرض يفترض " بقاء الاشياء الأخرى على حالها " حتى يكون التغير
في الكمية راجعا إلى التغير في ثمن السلعة دون غيره من العوامل . وتعريف العرض على
هذا النحو يركز على العلاقة التي يؤثر فيها الثمن في الكمية المعروضة ، وليس العكس.
أن الثمن هو المتغير
المستقل ، والكمية المعروضة هى المتغير التابع
تفسير شكل منحنى عرض السوق :
انتهينا إلى وجود علاقة طردية بين الثمن والكمية
المعروضة . فما هو تفسير هذه العلاقة ؟ الواقع أننا لن تستطيع هنا أن نستوفى هذه
النقطة لأنها متصلة بتحليل العرض الفردى ووجود علاقة طردية بينه وبين الثمن .
ولكنه
يكفى للتبسيط أن نقول : ان العامل الرئيسى في تحديد
حجم الناتج من سلعة ما ( وبالتالى الكمية المعروضة منها ) هو نفقة انتاجها .
وزيادة الانتاج من سلعة معينة يتطلب سحب المزيد من عناصر الانتاج المشغلة ـ أو التي يمكن أن تشغل ـ في انتاج غيرها من
السلع ، الأمر الذي يقتضى دفع أثمان أعلى لهذه العناصر . فاذا أضفنا إلى ذلك أن
هذه العناصر قد تكون متخصصة نسبيا فيما تقوم به أصلا ، فان كفاءتها في انتاج غير
ما تخصصت فيه تكون منخفضة . أي أن كفاءتها ستكون منخفضة في انتاج السلعة موضع
البحث . وهذا يعنى ارتفاع متوسط نفقة انتاج الوحدة منها .
الخلاصة اذن
أنه
عند قيام المنتجين بعرض المزيد من السلعة فانهم يتحملون ارتفاعا مطردا في نفقة
انتاجها . وهذا يعنى أن الأثمان التي يمكن أن تغريهم بعرض هذا القدر المتزايد من
السلعة يجب أن تكون في ارتفاع مطرد .
التغير في الكمية المعروضة والتغير في
العرض :
ذكرنا أن هناك تفرقة هامة بين العرض ، والكمية
المعروضة . ولتوضيح ذلك نشرح " الاشياء الأخرى " التي افترضنا ( في تعريف العرض ) أنها باقية
على حالها :
المقصود
" بالاشياء الأخرى " مجموعة
العوامل التي تؤثر ـ بالاضافة إلى ثمن السلعة ـ على الكمية التي تعرض منها .
وتتلخص هذه العوامل في أربعة : أثمان عناصر الانتاج
، المستوى الفنى للانتاج ، مستوى الإعانات التي تمنحها الدولة للانتاج ، ومستوى
الضرائب التي تفرضها الدولة على الانتاج .
هذا هو المقصود بافتراض ثبات " الظروف الأخرى
" عند تعريف العرض . فالانتقال من حالة إلى اخرى في جدول العرض ( من نقطة إلى
أخرى على منحنى العرض ) يعنى تغيرا في " الكمية المعروضة " لايرجع إلى
تغير في أي من العوامل الأربعة سابقة الذكر . وعندما نتحدث عن تعريف العرض ـ
بالنسبة لسلعة معينة ـ فان التغير في الكمية المعروضة منها يرجع إلى التغير في
ثمنها فقط .
كل ما هناك أننا ـ اذا تغيرت بعض ، أو كل هذه
العوامل ـ نكون بصدد جدول جديد ( منحنى جديد) للعرض ، على أساس جديد ( من أثمان
العناصر ، أو مستوى الإعانات والضرائب )
مختلف تماما عما كان عليه الحال قبل حدوث هذا التغير .
وتتوقف العلاقة بين جدول العرض الجديد والجدول
القديم ( بين منحنى العرض الجديد والمنحنى القديم ) على ما اذا كان التغير الذي
حدث في " الظروف الأخرى " من شأنه أن يؤدى إلى زيادة العرض أو نقصانه .
فاذا انخفضت أثمان عناصر الانتاج ، أو تحسن المستوى الفنى للانتاج ، أو زاد مستوى
الاعانات ، أو انخفض مستوى الضرائب المفروضة على الانتاج .... أدى ذلك إلى"
زيادة العرض ".
مرونة العرض :
مرونة العرض
ـ تعبر عن درجة استجابة الكمية المعروضة لتغيرات الثمن .
العوامل التي تؤثر في مرونة العرض :
تختلف العوامل التي تؤثر في مرونة
العرض باختلاف المدة موضع البحث
1.
ففى المدة القصيرة جدا تتوقف مرونة العرض على
قابلية السلعة للتخزين ، وحجم المخزون منها . ذلك أن المدة القصيرة جدا هى تلك
التي تكون من القصر بحيث لا تسمح باحداث أي تغير في الكمية المعروضة عن طريق تغير
حجم الانتاج ( وهذه مسألة تختلف باختلاف السلع ) ، وانما يكون التغير في حجم
المعروض عن طريق حجز كميات من السلعة عن السوق ، أو طرح كميات من السلعة في السوق
، الأمر الذي يتوقف على مدى قابلية السلعة للتخزين . فكلما زدات هذه القابلية ،
كان عرض السلعة أكثر مرونة ، والعكس صحيح .
2.
أما في المدة القصيرة والمدة الطويلة فان
مرونة العرض تتوقف على قابلية عناصر الانتاج للتنقل من نشاط انتاجى إلى آخر .
والمدة القصيرة هى التي تسمح بتغير في حجم الناتج عن
طريق تغيير بعض عناصر الانتاج ( كعنصر العمل ، والمواد الأولية ، مثلا ) . والمدة
الطويلة هى التي تسمح بتغير في حجم الناتج عن طريق تغيير كل عناصر الانتاج ( العمل
، ورأس المال ، والأرض ) .
فكلما زدات هذه القابلية ، كان عرض السلعة أكثر
مرونة في الآجل القصير ، أو الآجل الطويل ، والعكس صحيح .
تحديد الثمن : ( ثمن التوازن )
رأينا أن جدول الطلب يبين الكميات التي يطلبها
المشترون عند الأثمان المختلفة للسلعة ، ولكنه لايبين الثمن الذي يتم عنده التبادل
فعلا ، ولا الكمية التي يستقر على طلبها المشترون . كذلك رأينا أن جدول العرض يبين
الكميات التي يعرضها البائعون عند الأثمان المختلفة للسلعة ، ولكنه لايوضح الثمن
الذي يسود فعلا ، ولا الكمية التي يعرضها البائعون في حقيقة الأمر .
والان نوضح ان تفاعل هاتين القوتين ـ العرض والطلب ـ
هو الذي يحدد الثمن الذي يتم به تبادل السلعة فعلا وكذلك الكمية التي يتم تبادلها
فعلا . ويسمى هذا الثمن " ثمن التوازن " ، كما تسمى هذه الكمية "
كمية التوازن " .
والخلاصة
أنه
اذا كان الثمن مرتفعا عن الثمن الذي يحقق التوازن بين العرض والطلب ، أدت قوى
السوق ( التنافس بين البائعين ) إلى اتجاه الثمن نحو الانخفاض حتى يصل إلى مستوى
التوازن . كما أنه اذا كان الثمن منخفضا عن الثمن الذي يحـــقق التــوازن بين
الــعرض والطــلب ، أدت قــوى الـسوق ( التنافس بين المشترين ) إلى اتجاه الثمن
نحو الارتفاع حتى يصل إلى مستوى التوازن .
المنفعة الكلية والمنفعة الحدية :
تعرف المنفعة الكلية التي يحصل عليها الفرد من
استهلاكه لعدد معين من وحدات سلعة ما ، بأنها مجموع ما يحصل عليه ، من منفعة نتيجة
استهلاكه لهذا العدد المعين من الوحدات .
وتعرف المنفعة الحدية
بأنها التغير في المنفعة الكلية نتيجة التغير في استهلاك السلعة ( بالزيادة أو
النقص ) بوحدة واحدة .
مبدأ تناقص المنفعة الحدية :
يعتبر مبدأ تناقص
المنفعة الحدية ذا أهمية خاصة في تفسير سلوك المستهلك ، ومضمونه أنه اذا زاد
استهلاك شخص بوحدات متعادلة ( كما ونوعا ) ، فان المنفعة الحدية لابد أن تبدأ في
التناقص بد حد معين .
توازن المستهلك :
الافتراض الأساسى الذي تبدأ منه دراسة سلوك المستهلك
، أنه شخص رشيد وأنه يهدف إلى تحقيق
" أقصى اشباع " ممكن من دخله المحدود ، فاذا وزع المستهلك دخله على
السلع المختلفة على نحو يحقق له أقصى اشباع ممكن اصبح في حالة توازن ، بمعنى أنه
اذا حقق هذا الوضع لايوجد ما يدفعه إلى اعادة توزيع دخله على نحو آخر . ولمعرفة
كيف يتحقق هذا التوازن ، نلاحظ أولا :
أن المستهلك يهدف إلى تحقيق أقصى
اشباع من دخله .
1.
أنه يهدف
إلى تحقيق ذلك في ظل بعض القيود الاقتصادية التي تواجهه ، وهى :ـ
(أ)
دخله المحدود.
(ب)
أثمان السلع التي يرغب في استهلاكها تعتبر
" معطاة ".
2.
أن
المستهلك ينفق دخله على شراء هذه السلع ، أي أنه ينفق دخله على شراء السلع (
أ،ب،ج، ...الخ) .
ويكون المستهلك في حالة توازن ، أي يحصل على أقصى
اشباع من دخله المحدود ، اذا وزعه على السلع المختلفة بحيث تتساوى المنافع الحدية
لكل جزء من دخله ( لكل جنيه مثلا ) ينفقه على أي سلعة .
فاذا كان المستهلك ينفق دخله على شراء السلعتين
(س)،(ص) فقط ، فانه يكون في حالة توازن اذا كانت المنفعة الحدية التي يحصل عليها
من انفاقه جنيها واحدا مثلا على السلعة (س) ، تتساوى مع المنفعة الحدية التي يحصل
عليها من انفاقة جنيها واحدا على السلعة (ص).
إذن نستطيع أن نضع شرطا عاما لتوازن
المستهلك ، هو :
المنفعة الحدية للسلعة (س) المنفعة الحدية للسلعة (ص)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثمن السلعة (س) ثمن السلعة (ص)
حيث ينطبق هذا الشرط على أي عدد من السلع.
وهكذا تتضح الصلة بين أثمان السلع وتوازن المستهلك .
التغير في الثمن وتوازن المستهلك :
واضح أن هناك ارتباطا بين " توازن المستهلك
" من جهة ، وبين كل من دخله وأثمان السلع التي ينفق عليها هذا الدخل ، من جهة
أخرى . وبديهي إذن أن يتغير " وضع التوازن " ( أي عدد الوحدات المستهلكة
من كل سلعة ) بتغير الأثمان أو تغير الدخل . والذي يعنينا هنا ـ ونحن بصدد تفسير
العلاقة العكسية بين ثمن السلعة وطلب المستهلك ـ هو التغير في أثمان السلع .
فقد رأينا أن شرط التوازن هو :
المنفعة
الحدية للسلعة (س) المنفعة الحدية للسلعة (ص)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثمن
السلعة (س) ثمن السلعة
(ص)
فاذا حدث تغير في ثمن احدى هذه السلع ، أي حدث تغير
في مقام أحد هذين الكسرين ، لم تعد العلاقة علاقة تساوى . فمثلا اذا ارتفع ثمن
السلعة (س) ، فان معنى ذلك أن تصبح المنفعة الحدية التي يحصل عليها المستهلك من
جنيه
يــنفق على السلعة (س) أقل من المنفعة الحدية التي
يحصل عليها من جنيه ينفق على السلعة (ص) . ويؤدى ذلك إلى أن المستهلك ـ وهو يهدف
إلى تحقيق أقصى اشباع ـ يعيد توزيع دخله ، فيحول بعض انفاقه من السلعة التي ارتفع
ثمنها ( السلعة س) ، ويوجهه إلى السلعة التي لم يتغير ثمنها ( السلعة ص) .
ويترتب
على ذلك :
أولا ـ نقص
عدد الوحدات المستهلكة من السلعة الأولى التي ارتفع ثمنها ، فتزداد منفعتها الحدية
، أي ترتفع قيمة البسط في الجانب الأيمن من المعادلة .
ثانيا ـ زيادة عدد الوحدات المستهلكة من السلعة
الثانية ، فتنقص منفعتها الحدية ، أي تنخفض قيمة البسط في الجانب الأيسر من
المعادلة .
وهكذا ، إلى أن يعود التساوى بين جانبى المعادلة ،
أي يتحقق وضع جديد لتوازن المستهلك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق