الثلاثاء، 4 مارس 2014

سلسلة علوم الادارة < محاضرات أقتصاد >



تحديد مستوى الدخل القومى
العرض الكلى والطلب الكلى :
لكي يستمر حجم التدفقات دون نقص أو زيادة – أي تستمر المشروعات في استخدام نفس القدر من العناصر ومن ثم إنتاج نفس الكميات من السلع والخدمات ، وبالتالي يظل مستوى الناتج القومي دون تغيير – يجب أن ينفق الأفراد كل ما حصلوا عليه من دخول على شراء كل السلع التي أنتجها المشروعات . وهكذا تتضح معالم قوتي الطلب الكلى ، والعرض الكلى ، على التوالي

Û  تساوى العرض الكلى والطلب الكلى :
 السلوك السابق للأفراد والمشروعات يعنى أن يطلب المجتمع قدرا من السلع والخدمات قيمته مساوية تماما لقيمة ما تعرضه المشروعات من تلك السلع والخدمات
ومتى تم ذلك ، تظل الحركة الدائرية للتدفقات بين قطاعي الأفراد والمشروعات في تتابعها المستمر دون توقف أو تغير ، أي يستمر استخدام المشروعات لنفس القدر من عناصر ( يستمر مستوى العمالة ثابتا ) ، ويستمر بالتالي حجم المدفوع لهذه العناصر من عوائد ثابتا ( أي يستمر الدخل القومى دون تغيير ) . ويستمر أيضا  إنتاج المشروعات عند نفس المستوى ( أي يستمر الناتج ثابتا ) .
وفى هذه الحالة نقول : ان الدخل القومي والناتج القومي في وضع توازني
إذن : شرط هذا التوازن أن ينفق الأفراد كل دخولهم تماما ( وتمثل الطلب الكلى ،
أي الدخل القومي) ،على شراء كل السلع تماما ( وتمثل العرض الكلى ، أي الناتج القومي ) .
Eولكن هذا التوازن يشويه تحفظان هامان :
1.    أنه غير ممكن عمليا بالصورة المبسطة المذكورة .
2.    أنه غير مرغوب فيه .
à وتفسير ذلك :

أولا : من حيث كونه غير ممكن على النحو المبين ، فان ذلك يرجع إلى ما سبق ان اشرنا إليه من ان الفرد عادة يوزع دخله بين نوعين من التصرف : استهلاك ، وادخار ، وليس استهلاكا فقط ، كما يقضى شرط اتفاق الأفراد لكل دخولهم على شراء السلع . فهذا الشرط إذن اللازم للتوازن السابق ، هو شرط غير واقعي .

والمنتظر عمليا أن يحتجز الأفراد جزءا من دخولهم في شكل مدخرات ، أي لا يطلبون كل السلع المعروضة في الأسواق ، وفى هذه الحالة لن يتحمس المنتجون للنتاج نفس المستوى من الناتج في العام التالي ، ولابد أن يهبط إذن حجم الناتج القومي . وبالتالي سيتم تسريح جزء من العناصر ، فيهبط مستوى التشغيل ويزداد حجم البطالة ، ومن ثم يقل مجموع الدخول التي يحصل عليها أفراد المجتمع ،
 أي يهبط مستوى الدخل القومي .
 إذن : الافتراض الواقعي بقيام الأفراد بادخار جزء من دخولهم أدى إلى الاستنتاج بانخفاض مستويات كل من الناتج القوم والتشغيل والدخل القومي وهذه النتيجة هي انعكاس لقصور قوة الطلب الكلى عن قوة العرض الكلى .
ولكن ... هذه النتيجة غير نهائية ، ولا يجب أن يفهم منها أن الادخار مسئول عن المشكلة السابقة .....
ولتوضيح ذلك نأتى إلى تفسير التحفظ الثانى :
ثانيا : وعلى العكس من الاستنتاح السابق ، نجد أن وجود الادخار هو الشرط الضرورى لوصول الاقتصاد إلى وضع أفضل ، أي أن التوازن القائم على إنفاق الدخل كله على الاستهلاك هو وضـع غير مرغــوب فيه ، وهذا هو التحفظ الثــانى .
ومن شأن هذا التحفظ أن يقودنا إلى صيغة أكثر واقعية لحلقات مزايد مطرد في مستوى الناتج القومى ، وليس إلى مجرد ثبات مستواه .
Û  محددات الطلب الكلى والعرض الكلى :
Ÿ       يعرف الطلب الكلى – في أبسط صوره – بأنه مجموع الإنفاق على شراء السلع والخدمات المنتجة حاليا ، وأنه قاصر على الإنفاق الاستهلاكى .
Ÿ       ويعرف العرض الكلى بأنه قيمة كل السلع والخدمات التي تنتج وتعرض استجابة لمستوى الطلب الكلى عليها . ولما كان من الطبيعى أن لايتم إنتاج السلع والخدمات إلا عندما يتبين إمكانية بيعها بأسعار مربحة ، وطالما أن طلب أفراد المجتمع – ككل – على السلع والخدمات يمكن أن يتخذ أيا من مستويات عديدة متفاوتة (ارتفاعا أو انخفاضا ) ، فان العرض الكلى للسلع والخدمات يتخذ أيضا – بالتبعية – أيا من مستويات عديدة متفاوتة .
Ÿ       وهكذا فمتى ارتفع الطلب الكلى ارتفع تبعا له مستوى العرض الكلى ، حتى يتساوى معه ، بما يحقق وضعا توازنيا مرتفعا للدخل القومى . والعكس صحيح .
Ÿ       إذن : العرض الكلى ، كما تحدده قرارات رجال الأعمال مجتمعين ، يتوقف على الطلب الكلى الذي يتوقعونه . فهم مثلا سيمتنعون عن الإنتاج إذا توقعوا أن يكون الطلب الكلى على منتجاتهم صفرا . وهم لن ينتجوا ما قيمته 50 مليونا من الجنيهات أيضا و لن يزيدوا إنتاجهم إلى ما قيمته 100 مليون جنيه ، إلا إذا توقعوا طلبا يبلغ 100 مليون جنيه .... وهكذا .
Ÿ       إذا كان اشتقاق دالة العرض الكلى قد تضمن التساوى – دائما – بين مستوى كل من العرض الكلى والطلب المتوقع ، فإن ذلك لايعنى بالضرورة التساوى أيضا بين العرض الكلى والطلب الكلى المحقق فعلا ...
Ÿ       هذا عن الافتراضات ، والتوقعات ، والقرارات المترتبة عليها ، كما يشتمل عليها بناء دالة العرض الكلى .
Ÿ       أما الواقع الذي سيتحقق فعلا ، فلا تكفى هذه الدالة وحدها للاستدلال عليه وتحديده فالذى سيحدث فعلا هو حالة أو أخرى من تلك الحالات الافتراضية المتعددة ....تتطلب معرفتها أن يضاف إلى الصورة " دالة الطلب الكلى " أيضا .
Û  الاستثمار ومستوى الدخل القومى :
Ÿ   ننتقل الآن إلى مرحلة تالية ، تختص بدراسة وتحليل محددات التوازن في إطار أكثر واقعية ، يتيح المجال لتناول الادخار، ولتناول عنصر إنفاق آخر غير الاستهلاك (الاستثمار) . وسنرى أن التوازن لن يتغير مفهومه ، من حيث كونه يمثل وضعا يتساوى فيه العرض الكلى والطلب الكلى ، ويتمثل بنقطة تقاطع بينهما . إلا أن هذا التقاطع ( أو التساوى ) لن يظل ثابتا عند نقطة بعينها ،
وإنما يسمح بتحقيق مستويات من الدخل ،  تزيد من عام إلى آخر .
Ÿ       الوضع الذي تتخذه دالة الطلب ( ارتفاعا أو انخفاضا ) هو الذي يحدد المستوى التوازنى للدخل القومى ( ومن ثم الناتج القومى ، والتشغيل ) .
Û  إضافة الإنفاق الاستثمارى :
المطلوب إذن الاستفادة بحقيقتين في تحليل المستوى التوازنى للدخل :
(أ‌)     كلما كان وضع دالة الطلب الكلى أكثر ارتفاعا ، كان المستوى التوازنى للدخل أكثر ارتفاعا أيضا .
(ب‌)      إذا لم يكن الوضع التوازنى للدخل مقرونا بإنفاقه كلية على الاستهلاك ، أصيح الاقتصاد قادرا على زيادة إنتاجه مستقبلا ، وهذا هو المستوى التوازنى المرغوب فيه.
فكيف يمكن التوفيق بين الرغبة في رفع مستوى دالة الطلب الكلى ، أي في زيادة الإنفاق الكلى للمجتمع ، وبين الرغبة في ضغط أحد عناصر هذا الإنفاق بأن لا يستوعب الإنفاق الاستهلاكى كل دالة الطلب الكلى ؟
كل ما هو مطلوب لتحقيق هاتين الرغبتين – في آن واحد – هو :
(أ‌)         ألا ينفق الدخل كله على الاستهلاك .
(ب‌)    أن يعوض هذا التقييد في عنصر الإنفاق الاستهلاكى بالتوسع في الإنفاق الاستثمارى .
وقد سبق أن أشرنا إلى أن مجرد تقييد الاستهلاك – بما يتيحه للمجتمع من مدخرات – يفسح المجال للقيام بالإنفاق الاستثمارى والتوسع فيه .
وهكذا يتنفى ما قد يبدو من تناقض ، بين الرغبة في رفع مستوى دالة الطلب الكلى ، وبين الرغبة في تقييد حجم أحد عناصرها ، ( الاستهلاك ) .
Û  توازن الدخل القومى :
ولتحليل التوازن ، في حالة تضمين دالة الطلب الكلى عنصر الانفاق الاستثمارى ، نستعين بعدد من الفروض المبسطة :
1 – أن الطلب الكلى يتشكل من نوعين – فقط – من الانفاق :
 الانفاق الاستهلاكى ، والاستثمار الخاص . وبذلك تكون دالة الطلب الكلى :
              ط  =  س  +  ث
à حيث :/
Ÿ       ط  : الكلب الكلى
Ÿ       س : الاستهلاك .
Ÿ       ث : الاستثمار الخاص .
2 – أن الإنفاق الاستهلاكى يتوقف فقط على دخول الأفراد :
 وإنهم يدخرون ذلك الجزء من دخولهم الذي لا ينفق على شراء سلع الاستهلاك . وطالما أن قدرة الإنسان على الامتناع عن إنفاق جزء من دخله تزيد مع ارتفاع مستوى هذا الدخل .
فان الادخار أيضا يتوقف على الدخل .
à إذن :
          خ  = د (ل)               " أي الادخار دالة في الدخل "
          س = د (ل)               " أي الاستهلاك دالة في الدخل ".

3 – ان الإنفاق الاستثماري الذي يقوم به رجال الأعمال يتحدد وفقا لاعتبارات خاصة بهم :
 كالأرباح المتوقعة من قيامهم بالعمليات الإنتاجية ، أو وجود ابتكارات جديدة مثلا   والمهم أن هذه الاعتبارات جميعا مستقلة عن قرارات المستهلكين بشأن توزيع دخولهم بين الإنفاق الاستهلاكي والادخار .
وبعبارة أخرى ، فنحن نفترض أن الإنفاق الاستثماري يتحدد تلقائيا ، بصرف النظر عن مستوى الدخل أو كيفية إنفاقه .
والخلاصة أن الطلب الكلى في فترة زمنية ( عام مثلا ) ، هو مجموع عنصري الإنفاق :(الاستهلاكى الكلي يتوقف على دخول المستهلكين ) ، والاستثماري
( المحدد تلقائيا بقرارات مستقلة من جانب رجال الأعمال) . 

Û  الميل للاستهلاك والمضاعف :
وبمزيد من التأمل للنتائج التي توصلنا اليها ، يمكن استخلاص حقيقة هامة أخرى ... فمقدار الزيادة المضاعفة في الدخل القومى ، المترتبة على كل جنيه واحد اضافى في الانفاق الاستثمارى ، يتوقف في واقع الأمر على سلوك الأفراد ازاء ما يحصلون عليه من دخول اضافية . وهذا ما يطلق عليه " الميل للاستهلاك "
 ويميز الاقتصاديون عادة بين مفهومين أساسيين : -
×     أولهما : يطلق عليه " الميل المتوسط للاستهلاك "
×     وثانيها : يطلق عليه " الميل الحدى  للاستهلاك " .
ويعرف الميل المتوسط للاستهلاك ، بأنه مقدار الانفاق الاستهلاكى للأفراد مقسوما على مجموع دخولهم . فلو فرض مثلا أن الدخل القومى ( الناتج القومى ) يساوى
(100) ، وأن الأفراد ينفقون (90) على شراء سلع الاستهلاك(ويدخرون 10 بالطبع )   فإننا نقول :
                                                                   90
         إن الميل المتوسط للاستهلاك في هذا المجتمع هو  ---- = 9 ر 0
                                                                    100   
                                                       10
( يعنى ذلك بالتبعية أن الميل للادخار ------- =  1ر 0 )
                                                       100    
واضح إذن أن الميل المتوسط للاستهلاك + الميل المتوسط للادخار يساوى واحد صحيح 
Ÿ       أما الميل الحدى للاستهلاك فله مفهوم أخر. ذلك أن كون أفراد المجتمع يتفقون
على الاستهلاك 90 % من دخلهم القومى ككل ، لا يعنى، مطلقا أن كل جنيه اضافى يحصلون عليه في شكل دخول جديدة ينفقون منه 90% على الاستهلاك الاضافى .
Ÿ       فلو فرض مثلا أن حدثت زيادة في الدخل مقدراها (100)، فقام الأفراد بإنفاق (80 ) من  هذه الزيادة – فقط – على شراء سلع الاستهلاكية إضافية ، يكون الميل الحدى للاستهلاك مساويا (80%) .
Ÿ       أي أن الميل الحدى للاستهلاك يعرف بأنه النسبة من الدخل الاضافى التي تنفق
في شكل استهلاك اضافى .
Ÿ   ويتمثل ذلك بنسبة التغير في الاستهلاك إلى التغير في الدخل : فالتغير في الاستهلاك هنا يساوى(80) ، وذلك نتيجة لتغير في الدخل  يساوى (100) ؛
أي أن الميل الحدى للاستهلاك عبارة عن القيمة الأولى مقسومة على القيمة الثانية
                                 80
                            أي ----  = 8ر0 .
                                  100     
Ÿ       وبنفس المنطق يمكن أيضا استخلاص ما يسمى بالميل الحدى للادخار . فالجنيه الاضافى من الدخل قد أدى أيضا اللى زيادة اضافية في الادخار تساوى ما تبقى من الجنيه الاضافى ( أي 20 قرشا ) .
Ÿ       وهذا هو الميل الحدى للادخار ؛ والذى يعرف بأنه النسبة من الدخل الاضافى الذي يستبقى في شكل ادخار اضافى .
 ويتمثل ذلك بنسبة التغير في الادخار إلى التغير في الدخل . أي :
                                20
                            ----- = 2ر 
                             100     
Ÿ       واضح أيضا في هذه الحالة أن الميل الحدى للاستهلاك ( 8 ر 0 ) + الميل الحدى الادخارى ( 2 و0.) يساوى واحد صحيح .
Ÿ       والميل الحدى للاستهلاك هو الذي يعنينا عند القيام بتحليل التغيرات في المستوى التوازنى للدخل القومى . فقد رأينا أن هذا التغير هو نتاج تغير سابق في الإنفاق الاستثمارى ، وأن مدى تضاعف حجمه ، بالمقارنة بحجم التغير الأصلى في الاستثمار ، يتوقف في واقع الأمر على قيمة ما يميل الأفراد إلى إضافته إلى إنفاقهم على سلع وخدمات الاستهلاك . من كل وحدة إضافية تزداد بها دخولهم .
Ÿ       أي أن حجم المضاعف يتوقف على حجم التغيرات في الاستهلاك ( وليس قيمته المطلقة )  نتيجة للتغيرات المسببة لها في الدخل (وليس قيمته المطلقة) .
Ÿ       وهذا هو مفهوم الميل الحدى للاستهلاك .
Eومما سبق يمكن استخلاص النتائج الهامة الآتية :
1 – أن الزيادة في الإنفاق تؤدى إلى زيادة مضاعفة في الدخل القومى ، أي إلى تحقيق مستوى توازنى للدخل أعلى مما كان عليه قبل حدوث هذه الزيادة في الإنفاق هذه الزيادة المضاعفة ، هى ما يطلق عليه تعبير " أثر المضاعف "
2 – أن عملية الانفاق هذه ضرورية لحدوث أثر المضاعف . وبعبارة أخرى : لو افترضنا أن أفراد المجتمع موضع البحث يدخرون كل الزيادة الجديدة في دخولهم ، فإن حلقات التزايد في الدخل لابد وأن تتوقف فورا . أي لابد وأن يتوقف أثر المضاعف .
3 – يترتب على النتيجة السابقة ، أنه كلما زدات النسبة – من زيادة في الدخل – التي ينفقها الأفراد في كل جولة على شراء سلع الاستهلاك ، كبر حجم وأثر المضاعف   والعكس صحيح . وبعبارة أخرى ، كلما كبر الميل الحدى للاستهلاك
( قل حجم الميل الحد للادخار ) -  كبر حجم وأثر المضاعف ، والعكس صحيح .

هناك إذن علاقة طردية بين حجم الميل الحدى للاستهلاك ، وحجم وأثر المضاعف
( وبالتالى علاقة عكسية بين حجم الميل الحدى للادخار ، وحجم وأثر المضاعف ) .

E ويمكن بيان ذلك بصورة مختصرة بالعلاقة الآتية :
                                 1
المضاعف   =  -------------------------
                    1   الميل الحدى للاستهلاك
أو :
                                 1
المضاعف  = --------------------------
                    الميل الحدى للادخار
فاذا افترضنا أن الميل الحدى للاستهلاك يساوى (8ر0) 
                               1
يكون المضاعف  = -----------    = 5
                             1 – 8ر0     
واذا فرض أن الميل الحدى للاستهلاك يساوى (6ر0) .
                                 1
يكون المضاعف = -----------------= 5ر2
                                1-6ر0     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق