الجمعة، 21 فبراير 2014

قصيدة للشهيد روعه

الشَّهيدُ يُحاصِرُني كُلَّما عِشتُ يوماً جديداً
ويسألني: أَين كُنت ؟ أَعِد للقواميسِ
كُلَّ الكلامِ الذي كُنتَ أَهدَيتَنيهِ
وخفِّف عن النائمين طنين الصَّدى
الشَّهيدُ يُعَلِّمني : لا جماليَّ خارجَ حريتي
الشَّهيدُ يُوَضِّحُ لي : لم أفتِّش وراء المدى
عن عذارى الخلود، فإني أُحبُّ الحياةَ
على الأرض، بين الصّنوبرِ والتين
لكنني ما استطعتُ إليها سبيلاً، ففتَّشتُ
عنها بآخِرِ ما أملكُ : الدمِ في جَسَدِ اللازورد
الشهيدُ يُحاصِرُني: لا تَسِر في الجنازة
إلاّ إذا كُنتَ تعرفني , لا أُريد مجاملةً من أَحَد
الشَّهيد يُحَذِّرُني: لا تُصَدِّق زغاريدهُنّ
وصدِّق أَبي حين ينظر في صورتي باكياً :
كيف بدَّلتَ أدوارنا يا بُنيّ، وسِرتَ أَمامي
أنا أوّلاً، وأنا أوّلاً !
الشَّهيدُ يُحَاصرني: لم أُغيِّر سوى موقعي وأَثاثي الفقيرِ
وَضَعتُ غزالاً على مخدعي، وهلالاً على إصبعي، كي أُخفِّفَ من وَجَعي !
( محمود درويش )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق